يعد التدخين ثاني سبب للوفاة حول العالم (بعد حوادث الطرق الذي يعتبر القاتل الأول) وتقدر عدد حالات الوفاة في مصر سنويًا جراء التدخين 180ألف حالة وفاة، وهو يفوق قتلى الحروب والكوارث الطبيعية أحيانًا، وبالطبع فإن توفر أدوية تساعد في الإقلاع عن التدخين أدى إلى انخفاض ملحوظ في عدد الوفيات في المجتمعات التي اعتمدت على هذه الأدوية.
الهدف من العلاج:
الهدف من العلاج هو التوقف التام والكامل عن التدخين وليس كما يهدف البعض التقليل من عدد السجائر فقط.
وكما ثبت علميًا مؤخرًا أن التوقف عن التدخين له فوائد نفسية بالإضافة إلى الفوائد الصحية المعروفة، فقد ثبت أن الذي يقلع عن التدخين يصبح أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، كما أنه يحسن من الحالة المزاجية.. كل ذلك مقارنة بالاستمرار على التدخين.
تتضمن العلاجات الدوائية:
- عقار الفارينيكلين Varenicline
- عقار بروبايون Bupropion
- بدائل النيكوتين.. ولها صور عديدة وسنتحدث عنها بالتفصيل.
أولاً: عقار الفارينيكلين Varenicline:
وهو متوفر تجاريًا تحت اسم شامبكس Champix – شانتكس Chantex
هو منشط جزئي يرتبط بقوة بمستقبلات النتيكوتين ألفا النوع الرابع وبيتا النوع الثاني B2، α4، وقد أثبتت العديد من الدراسات التي تمت على نطاقات واسعة فاعلية هذا العقار في الإقلاع عن التدخين وخاصةً إذا ما قورن بدواء البروبايون وببدائل النيكوتين.
كيف يعمل؟
دواء الفارينيكلين له القدرة على:
- الحد من ظهور الأعراض الانسحابية التي تتبع التوقف عن التدخين.
- كذلك يجعل عقار الفارينيكلين من التدخين أقل متعة.
الجرعات وكيفية الاستخدام:
يبدأ العلاج بجرعة نصف مليجرام وترفع الجرعة تدريجيًا حسب الجدول.. ففي اليوم (الأول والثاني والثالث) تكون الجرعة قرص نصف مليجرام مرة واحدة يوميًا ثم ترفع خلال اليوم (الرابع والخامس والسادس والسابع) إلى قرص نصف مليجرام مرتين صباحًا ومساءًا.
ثم ابتداءًا من اليوم الثامن وحتى نهاية الشهر الثالث من الاستمرار على الدواء تصبح الجرعة اليومية قرص مليجرام مرتين يوميًا صباحًا ومساءًا..
ولتسهيل الاستخدام فإن الجرعات تكون موضحة بعلبة الدواء المتوفر بالأسواق حيث أنه يتوفر في علبتين..
الأولى تحتوي على تركيز نصف مليجرام بالإضافة إلى تركيز 1 مليجرام.. وتكفي لمدة شهر (وهذا التركيز يستخدم فقط خلال الشهر الأول) كذلك يتوفر بتركيز 1 مليجرام فقط تكفي أيضًا لمدة شهر ويستخدم هذا التركيز خلال الشهر الثاني والثالث والرابع.
الشهر الأول | الشهر الثاني | الشهر الثالث |
وتنصح الارشادات العالمية لاستخدام عقار الفارينيكلين أن يبدأ المدخن في العلاج ويستمر عليه وبعد أسبوعين من الاستمرار يبدأ التوقف عن التدخين ثم يستمر على عقار الفارينيكلين ليكمل 3 أشهر كاملة.
قد يحتاج قطاع قليل من المدخنين المقلعين عن التدخين للاستمرار لعدة أسابيع إضافية يحددها الطبيب المعالج إذا استلزم الأمر.
محاذير الاستخدام:
لا توجد محاذير لاستخدام دواء الفارينيكلين فهو دواء آمن جدًا، لكن لا ينصح باستخدامه تحت سن الثامن عشر حيث أنه لم يثبت حتى الآن مدى درجة أمان استخدامه في مثل هذا السن، وإن كان حتى الآن لم ثبت ضرره لذا فإن أمانه من ضرره تحت سن الثامنة عشر لازال تحت البحث العلمي.
كذلك في السيدات الحوامل والمرضعات فإن درجة أمان الدواء على الجنين أوالرضيع لم تثبت بعد لذا فإن استخدامه أيضًا في هذه الفئات سيكون بحذر شديد.
ويفضل تقليل الجرعة في مرضى الكلى إلى نصف الجرعة المعروفة.
الآثار الجانبية:
عقار فارينيكلين من الأدوية الآمنة لكنه في عدد الأشخاص قد يحد القليل من الآثار الجانبية مثل:
- الشعور بالغثيان في بداية الاستخدام.
- اضطراب المزاج أحيانًا.
ثانيًا: عقار البوبروبيون Bupropion:
معروف تجاريًا باسم زيبان Zybnn – ويلبيترين Welbutrin
دواء البوبروبيون هو في الأصل واحد من أدوية الاكتئاب والتي تعمل من خلال تأثيرها على مسقبلات الدوبامين والنورإبينفرين، وقد أثبتت فاعلية في المساعدة على الإقلاع عن التدخين من خلال الحد من حدوث أعراض انسحابية شديدة عند التوقف عن التدخين، وكذلك تحد من شغف الرغبة الملحة للتدخين ثانيةً.. وفي نسبة كبيرة يجعل تجربة التدخين تفتقر إلى الاحساس المحبب الذي يعتاده المدخنون مع السجائر وغيرها.
الجرعات:
يتوفر دواء البوبروبيون في الأسواق العربية والعالمية تحت اسمين تجاريين أولهم زيبان والثاني ويلبيترين بتركيز 150 مجم للقرص الواحد.
الجرعة الأولية هى قرص واحد صباحًا 150 مجم خلال الأسبوع الأول ثم ابتداءًا من اليوم الثامن ترفع الجرعة إلى قرصين يوميًا الأول صباحًا والثاني بعد 6 ساعات من الأول، ويستمر المتعافي على الدواء لفترة لا تقل عن 9 أسابيع.
الآثار الجانبية المعروفة:
يسبب دواء ويلبيترين عددًا من الآثار الجانبية في بداية العلاج يقوى على تحملها الكثير مثل:
- الأرق (لذا لا يفضل استخدامه ليلاً).
- جفاف الحلق (لذا ينصح بشرب ماء كثير أثناء فترة العلاج).
- الصداع.
- نادرا ما يحدث حساسية وطفح جلدي.
- أهم الآثار الجانبية التي تستدعي الاهتمام هو حدوث تشنجات.. ويحدث ذلك في المرضى الذين لديهم تاريخ مرضي لنوبات الصرع والتشنجات.
يمنع استخدام ويلبيترين في الحالات التالية:
- مرضى الصرع أو من لديهم تاريخ مرضي بالصرع.
- اضطرابات الطعام (فقدان الشهية المرضي – النهم).
- أورام المخ (فهم أكثر عرضة لحدوث التشنجات).
- أثناء الحمل والرضاعة.
بالنسبة لاستخدام الدواء تحت 18 سنة فمثله مثل عقار الفارينيكلين.. فلم يثبت أمنه من ضرره فلا ينصح باستخدامه.
ثالثًا: بدائل النيكوتين:
أثبتت العديد من الأبحاث التي تمت على نطاقات واسعة وفي مراكز بحثية متقدمة مدى فاعلية بدائل االنيكوتين في المساعدة في الإقلاع عن التدخين عند استخدامها بالجرعات المقررة من الطبيب حسب الارشادات العالمية لاستخدامها والتي يتم تحديدها حسب عدة معايير أهمها درجة الاعتماد على النتيكوتين.. والتي تحدد من خلال:
- حساب عدد السجائر اليومية (أو ما يناظرها من وسائل التدخين الأخرى).
- المسافة الزمنية بين الاستيقاظ من النوم وبين تدخين أول سيجارة (كلما قلت تلك المدة كلما كان ذلك مؤشرًا أعلى على الاعتماد على التدخين).
تستخدم بدائل النتيكوتين لمدة تصل إلى 3 أشهر، وقد يحتاج بعض المتعافين إلى مدة أطول لمنع الانتكاسة.
وقد أثبتت الدراسات أن استخدام أكثر من وسيلة من بدائل النيكوتين (كاستخدام اللاصقة مع البخاخ مثلاً) يزيد من فاعلية العلاج وإن كان ذلك ليس معتادًا بل من المعتاد استخدام وسيلة واحدة.
أشكال بدائل النيكوتين المتوفرة:
- أقراص الذوبان بالفم:
تتوفر بتركيز 2 مجم وتعطى بمعدل قرص كل ساعة في معظم المدخنين، ويمكن رفع الجرعة في المدخنين الشرهين (الذين يتناولون أكثر من 20 سيجارة يوميًا) إلى 2 قرص كل ساعة وبحد أقصى40 مجم يوميًا أى 20 قرص يوميًا.
- علكة “لبان” النيكوتين:
متوفر بتركيز 2 مجم ، 4 مجم ويتم مضغه ببطء عند الاحساس بالرغبة في التدخين.
يتم مضغ اللبان ببطء ثم يطلب من المتعافي أن يحاول إبقاء اللبان بداخل تجويف الفم بين أساناه وبين تجويف الخد
يترك اللبان بتجويف الفم حتى يتم الامتصاص..
الجرعة القصوى 15 قطعة لبان باليوم ويفضل الاعتماد على تركيز 4 مجم فهو أكثر فاعلية .
يعيب استخدام اللبان آلام الفم الناتجة عن المضغ لفترات طويلة
3.لاصقة النيكوتين:
تتوفر لاصقات النيكوتين بنوعين:
- النوع الأول تفرز مادة النتكوتين لمدة 24 ساعة ولذا يستمر المتعافي في استخدامها ليل نهار.. وتستبدل مع صباح اليوم الثاني.. وتتوفر بتركيزات (7 مجم – 14 مجم – 21 مجم).
- النوع الثاني تفتصر فاعليته لمدة 16 ساعة فقط تكفي لفترة النهار منذ استيقاظ المتعافي حتى نومه، ويتم إزالتها عند النوم وتتوفر بتركيزات ( 10 مجم – 15 مجم – 25 مجم)
وقد أثبتت لاصقات النيكوتين فاعلية في العلاج لكن يعيبها أنه قد تسبب حساسية في موضع اللصق عند البعض، وبالطبع يحتاج المتعافي لتغيير موضع لصقها كل يوم.
4.بخاخ النيكوتين:
يعتبر بخاخ النيكوتين الخيار الأفضل للمدخنين بشراهة، وتستخدم بجرعات محسوبة.. وقد تم معايرة البخاخ حتى تحتوي كل جرعة (بخة) على نصف مليجرام من النيكوتين.. والجرعة الإعتيادية هى بخة بكل فتحة أنف كل ساعة ويمكن زيادة هذه الجرعة إلى بختين بكل فتحة أنف وتعتبر أقصى جرعة مقبولة 32 بخة يوميًا.
5.أقراص استحلاب النيكوتين:
يتوفر من بدائل النيكوتين أقراص استحلاب متوفرة بتركيزات (1 مجم – 2 مجم – 4 مجم) ولا تزيد الجرعة اليومية عن 15 مجم.
ويجب التنبيه على عدم مص الأقراص.. بل تترك في التجويف الفمي بين الأسنان وباطن الخد حتى تذوب لحالها.
أمور تستدعي الانتباه بالنسبة لبدائل النيكوتين:
- لا يتوفر الكثير من المعلومات عن مدى أمان وفاعلية بدائل النيكوتين في الفترة العمرية بين 12 – 18 سنة، لذا يحتاج استخدام بدائل النيكوتين لإشراف طبي وخاصة في تلك الفترة.
- بدائل النيكوتين بلا شك أكثر أمانًا من الاستمرار في التدخين بكل أضراره.
- الحل الأمثل في الوضع الاعتيادي أن تتوقف السيدة الحامل المدخنة عن التدخين بدون الاعتماد على أدوية حفاظًا على صحة الجنين.. لكن عندما يكون ذلك غير محتمل (وهنا نادر) فإن أخف الأضرار هو الاعتماد على بدائل النيكوتين وأفضل الخيارات وقتها هو لاصقة النيكوتين ذات الـ 16 ساعة.
- لا مانع من استخدام بدائل النيكوتين أثناء فترة الرضاعة، فكمية النيكوتين التي تنزل مع اللبن قليلة للغاية ولا تمثل خطرًا على الرضيع، ولا يفضل الاعتماد على لاصقات النيكوتين (عكس فترة الحمل) حيث أن اللاصقات تعمل بشكل ممتد لكن يفضل الأقراص والتي يمكن استخدامها بعيدًا عن وقت الرضاعة لتقليل كمية النيكوتين قدر المستطاع.
- مرضى القلب لا ينصح لهم بدائل النيكوتين كبديل علاجي للإقلاع عن التدخين.
- مرضى السكر.. لا يوجد أى تعارض ويستخدم بشكل آمن لكن الأفضل متابعة مستوى السكر أثناء فترة العلاج.
- استخدام بدائل النيكوتين في مرضى الكلى والكبد يجب أن يكون بحذر في الحالات المتوسطة والشديدة لأن قدرة الجسم على التخلص من مادة النيكوتين في هؤلاء المرضى تنخفض مما يؤدي إلى تراكم مادة االنيكوتين في الجسم مسببة آثارًا غير مرغوبة.
السيجارة الإلكترونية:
تعتبر السيجارة الإلكترونية من الوسائل التي شاع الاعتماد عليها خلال الأعوام القليلة الماضية وذلك لأنها توصل مادة النيكوتين أسرع للمخ من أى وسيلة أخرى (ما عدا التدخين نفسه) لكن لها العديد من الأضرار أهمها هو الاستمرار في السلوك التدخيني والاعتياد عليه، كما أن مكونات السيجارة وإن كانت أخف ضررًا لازالت تحمل خطر الإصابة بالسرطان حيث أنها ليست نيكوتين صافي نظرًا لاحتوائها على شوائب أخرى تحمل خطر الإصابة بالرسرطان.
كذلك فهى تسبب في عدد ليس بالقليل إلتهاب للجلد أو الإصابة بالـ Hiccups (الزغطة) وتلون الفم والأسنان بألوان غير مرغوبة، وكذلك في الحلق وغالبًا ما تزول هذه الأعراض مع الاستمرار على السيجارة الإلكترونية لكن الفاعلية بالنسبة للبدائل الأخرى فهى ليست الخيار الأنسب.