هل تعاني من التردد.. من الخجل، تجد صعوبة في رفض طلبات الآخرين
هل تجد صعوبة في التحكم في مشاعرك وتجد نفسك سهل الاستثارة..
تتعذب بسبب أنك تحاول أن تخفي مشاعرك وتشعر أحيانًا بضعف شخصيتك وأحيانًا أخرى بالتسلط..
حان الوقت كى تعمل لك شخصية..
عزيزي قارئ المقال التالي.. وأنا أكتب هذه الكلمات أشعر بك وبعذابك الداخلي الذي يتجدد مع كل موقف تجد نفسك فيه تتعارض فيه رغبتك مع رغبات الآخرين من حولك أو حتى يختلف رأيك عن رأيهم.. تشعر بألم الحيرة بن مصارحتهم بما يدور بداخلك وبين تعارض ذلك مع أرائهم ورغباتهم وطموحاتهم منك.. تشعر ساعتها بالحرج..
كثيرًا ما تعرضت لمواقف كنت تود أن تملك الشجاعة الكافية لرفض طلب زميلك لتقرضه مبلغًا ماليًا أو كتابًا أو أن تحمل عنه وقت عمل وخاصةً في أيام الإجازات، بالتأكيد مرت عليك العديد من المواقف التي وددت لو أن لك وافرًا من الشجاعة حتى تنهي الصراع الداخلي بين جبنك حين هممت أن تطلب المبلغ المالي الذي أقرضته أحد الزملاء أو الأقارب ولم يرجعه إليك في الموعد المتفق عليه.
أشعر بنار توترك حين كنت بين مجموعة وهم يرغبون في أمر أنت لا ترغبه.. نار مسايرة المجموعة رغم كرهك لذلك أو التعبير عن رغبتك مصطدمًا برأى جمهور من حولك.
حياة الإنسان (أى إنسان) لابد وأن تمر بالعديد من المواقف التي يجد رغباته وطموحاته وقائمة أولوياته تتعارض مع كثير ممن حوله.. هو يرغب في إجازة في نفس الوقت الذي يرغب فيه زميله.
هو يرغب في قراءة الكتاب الذي اشتراه حديثًا بينما يطلبه منه أحد الأصدقاء لقراءته ثم إعادته..
هو يرغب في ركوب التاكسي في هدوء بينما سائق التاكسي في سماع الموسيققى الصاخبة..
هو يرغب في إعادة القميص الذي اشتراه حديثًا ثم لم يعجبه بعدما وصل منزله بينما يرغب صاحب المحل بائع السلعة ألا يردها لكى يبيع الكثير والكثير.
هذه أمثلة قليلة جدًا جدًا من أمثلة الأنشطة اليومية التي يظهر فيها جليًا أن طريقك بالنسبة للآخرين غالبًا ما سيتقاطع ولن يتوازى طيلة الوقت… فماذا يفعل الإنسان إذن عند تعارض الرغبات مع الآخرين؟
يسلك الإنسان عادةً واحدًا من ثلاث طرق معروفة ومتكررة حتى يتخلص من هذا التعارض.
الطريقة الأولى:
أن يجعل الأولوية للآخرين..
للأسف إعتاد الكثير من بني البشر على حل هذه المعضلة بأن ينفذ طلبات الآخرين دون الإلتفات لما كان يريد وبالطبع سيبدو الأمر هادئًا وكأنه هرب من مواجهة الآخرين بأن أسكت ما تطلبه نفسه.
مثال:
طلب أحمد من عمر الخروج معه يوم الجمعة لشراء هاتف جديد وبدلة جديدة لكن عمر كان يرغب في أخذ يوم الجمعة راحة مع أسرته ولا يرغب في الخروج.. حينما تعرض لهذا الصراع بين ما يريد وبين ما أراده صديقه أحمد فكان تصرف عمر أن قبل طلب أحمد ملبيًا طلب صديقه متجاهلاً رغبة نفسه.. بالطبع هذه إحدى الطرق للتخلص من هذا الصراع لكن هل هى الطريقة الأمثل؟
بالطبع لا لأن الشخص في هذه المواقف مع تكرارها يلبي طلبات الآخرين لا يقول لا لأحد.. أى أنه طرف سلبي في الحوار، ومع الوقت تخفت شخصيته ولا يعد له رأى.. فهو دائمًا الموافق لا يتعارض مع أحد كأنك لا تعرف ما بداخله..
قد يبدو هذا الشخص محبوبًا لأنه “بيزعلش حد” لكن حقيقةً هذا الحب من الآخرين قد يكون على حساب الإحترام، فهذا شخص قد يحبه الكثير لكن ليس بالضرورة أن يكون جديرًا بالاحترام فهو شخصية غير واضحة المعالم.
ليس هذا فحسب لكن هذه الشخصية لا ولن تتحمل طلبات ورغبات الآخرين على طول الزمان، ستأتي لا محالة أوقات سيرفضون طلب ما من هذا أو ذاك لكن ربما يكون هذا الرفض بطريقة مبالغ فيها وأقرب للانفجار، وهذا بالفعل يصيب الآخرين بالذهول وبمزيد من الدهشة حول صاحب هذه الشخصية.
وبعيدًا عن الآخرين فإن هذا الشخص يشعر بينه وبين نفسه بلالعجز وأنه غير قادر على إدارة حياته لأنه لا يرفض لأحد طلب، وبناءًا علي ذلك فإن يومه وأسلوب حياته واختياراته يحددها الآخرون وهذا بالطبه يصيبه بشعور فقدان السيطرة وضياع الشخصية وفقدان الثقة.
الطريقة الثانية:
العدوانية:
وعلى الجانب الآخر من حسم صراع الرغبات والأولويات يعتمد أشخاص آخرون على فرض رغباتهم بمنتهى العدوانية متجاهلين احترام الآخرين فيظهر ذلك في استخدام الصوت العالي في الرفض – لانتقاص الآخرين – معايرتهم – الهجوم عليهم وأحيانًا استخدام الشتائم متبنيًا مبدأ “أنا ومن بعدي الطوفان” وسيلة لن نتحدث عنها كثيرًا لأننا نراها من حولنا للأسف كل يوم.. يتعمد فيها الشخص التجريح بالآخرين لينال حقه أو حتى دون أن يكون له حق..
بالطبع فإن الشخص الذي يعتمد على النيل من الآخرين ولا يستطيع السيطرة على مشاعره بل أنه يفقد السيطرة على ذاته هو أيضًا شخص بلا شخصية وإن كانت له شخصية فبالطبع ليست الشخصية المحبوبة المرغوبة فللأسف هذه الشخصية لا تحظى لا بحب ولا احترام الآخرين .
الطريقة الثالثة :
هى تأكيد الذات والتعبير عن شخصيتك:
أقصر الطرق وأحسنها وأفضلها لك وللآخرين هى أسلوب تأكيد الذات وهو ببساطة أن تجعل المبدأ الحاسم بينك وبين الآخرين لحسم أى خلاف هذا الترتيب:
الله ثم النفس ثم الآخرين
أى أنه ببساطة وبكل وضوح عندما تجد ما ترغبه يتعارض مع ما حرمه الله فقدم ما قدسه الله وهو أولى حتى ولو كنت ترغب فيه.. هذا مع ما هو حلال وحرام لكن معظم أمور حياتنا وخاصةً ما كنا نتحدث عنها في الاختلاف بين ما نرغب وبين ما يرغب فيه الآخرون.. هنا قدم رغبتك وفي نفس الوقت احترم الآخرين.
أى احترم نفسك وعبر عنها وعبر عما بداخلك.. قل ما تود وبأسلوب واضح يعبر عن رأيك.. ابدأ كلامك بكلمة “أنا”
أنا رأيي كذا.. بصراحة أنا اشيف كذا..
اطلب بوضوح وباحترام.. ارفض بوضوح واحترام
اجعل من عباراتك فيض من الكلمات التي تتمحور حولك وليس حول الآخرين.. كلما كنت تتحدث عن نفسك فأنت تصنع شخصيتك وتبرزهل للآخرين وتبين لهم ما حجمها.. تبين لهم أراءك ورغباتك وليس مجرد شخص يوافق على طلباتهم فقط..
كلما تحدثت عن نفسك وكففت عن التحدث عن الآخرين فأنت تحترم نفسك وفي نفس الوقت تحترم الآخرين.
بالعودة إلى المثال الأول بين أحمد وعمر يكفي أن يرد عمر على أحمد قائلاً “أنا لا يناسبني النزول معك فلدى ارتباطات مع أسرتي ولا أود النزول من المنزل”.
هنا عبر عمر عن رأيه وهو يركز الحديث حول نفسه دون التطرق لأحمد ولا الإعتداد عليه لفظًا أو أسلوبًا لكن اهتم بإظهار رأيه بأسلوب لبق ومهذب..
يمكنك في كل موقف من الموقف العديدة اليومية أن تمهل نفسك بضع ثوان مع كل طلب أو موقف لتسأل نفسك ماذا تريد وبماذا تشعر..
بعد الإجابة السريعة عن هذه الأسئلة فقط عبر عنها.. فمثلاً عندما يعرض عليك أحد التجار العديد من البضائع في المحل وتشعر بدرجة من الحرج لأنك لم تجد ما يعجبك وفي نفس الوقت تجد صعوبة في الخروج دون شراء كما يفعل الكثيرون.. سعاتها اسأل نفسك ماذا تريد وبماذا تشعر.. الإجابة واضحة أشعر بالتوتر لأنه لا يوجد ما يعجبني.. الخطوة التالية هلا ببساطة التعبير عن ذلك ويكفي أن تبدأ حديثك بـ “أنا” ثم تتبعه بالباقي”
كف عن الاعتذرات الكثيرة في كلامك
كف عن حشو كلامك بالأعذار
استبدلهم بـ “أنا” .
“أنا لم أجد ما أبحث عنه” ثم اتبع ذلك بشكر البائع تقديرًا لتعبه ثم انصرف.. هذا ببساطة لأنه من حقك أن تأخذ حقك، ومن حقك أن تعبر عن رأيك، ومن حقك أن تطلب حقك حتى وإن لم تناله، فمجرد أن يطالب الإنسان بحقه أو يعبر عن رأيه فإن ذلك يمنحه احساس بالراحة والقدرة على التعبير بالطبع لا يجوز الإعتداء على الآخرين.. فأسلوب تأكيد الذات يهدف إلى احترام الذات والآخرين لذا فلا داعي بل لا يح أن ترفع صوتًا أو تنتقص من أحد أو توجه نقدًا.. تحدث عن نفسك وفقط بهذا ستنال حريتك وستنال احترام الآخرين وبذلك ستكون عملت لك شخصية.
رائع