أثبتت العديد من الدراسات الجينية ودراسات التوائم والتصوير الدماغي للمخ والأبحاث التي أجريت على النواقل العصبية أنه لكى يحدث فرط النشاط وقلة الانتباه لابد من اجتماع العديد من العوامل التشريحية والكيميائية في الجهاز العصبي.
وحتى الآن لم تتضح الصورة الكاملة لآلية حدوث هذا المرض، ولسنوات عديدة كان ينسب حدوث المرض لعدة أسباب منها تعرض الأم أثناء فترة الحمل لبعض الأدوية والعقاقير الضارة أو الولادة قبل الميعاد المقرر أو إصابة الأم بأى صدمات أثناء الحمل وقبل الولادة، كما أشارت أصابع الإتهام لسنوات عديدة إلى المواد الحافظة والألوان الصناعية الموجودة في الأطعمة والتي يتناولها ألأطفال بكثرة.. لكن مع مرور الوقت لم تثبت أدلة قاطعة تنفي أو تثبت هذه الفرضيات.
ومن العوامل التي تشترك في ظهور المرض:
- العوامل الوراثية:
كان لزيادة الإصابة في كل من – التوائم المتماثلة (عن بويضة واحدة) عنها في التوائم المتآخية (عن بويضتين)، وكذلك ملاحظة زيادة احتمالية الإصابة في أبناء أو أقارب المصاب باضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه – الفصل في الإشارة إلى الدور الوراثي والجيني في الإصابة بالمرض. - عوامل التنشأة:
أشارت الأبحاث إلى أن المواليد التي تولد في أول فصل الشتاء (شهر سبتمبر) هم الأكثر عرضة عن غيرهم للإصابة بالمرض وقد يكون السبب في ذلك العدوى بأحد الميكروبات التي لم يحدد بعد وذلك في طفل لديه الاستعداد للإصابة بالمرض. - إصابات المخ:
لسنوات عديدة ظل افتراض وجود تلف واضح بالمخ أثناء فترة الحمل أو ما قبل الولادة هو السبب في الإصابة بهذا المرض، وقد نُسب هذا التلف إلى التعرض إلى أى من المواد السامة أو نقص الامدادات الدموية للجنين أثناء الحمل او التعرض إلى أى صدمة قوية أثرت عل الجنين أثناء الحمل أو خلال فترات طفولته الأولى لكن مع مرور الوقت وتقدم التصوير الطبي لم يتم التوصل إلى شكل واضح لإصابة جزء معين من المخ يمكن الجزم بأنه المتورط في الإصابة بالمرض. - اضطرابات النواقل الكيميائية العصبية:
يرتبط مرض فرط النشاط وقلة الانتباه بالعديد من النواقل العصبية ولكن ظهور المرض مرتبط بشكل كبير بنقطة اللوكس سيريولَس “”Locus cerulus والمسئولة عن عدة نواقل عصبية دورها الأساسي المحافظة على الانتباه. ويرتبط بالمرض الجهاز النورإدريناليني والذي يتكون من جهاز مركزي (ينشأ في اللوكس سيريورلس Locus cerulus) وجهاز سيمبثاوي طرفي. ويحظى الجهاز السيمبثاوي الطرفي بالدور الأهم في حدوث اضطراب فرط النشاط وقلة الانتباه “”ADHD، لذا حدوث أى اضطراب في نظام النورإبينفرن (النورإدرينالين ) سوف يؤدي إلى تراكم الهرمونات في المناطق العصبية الطرفية والذي بدوره سوف يؤثر سلبًا على الجهاز المركزي والذي سوف يعيد ضبط اللوكس سيريورلس “Locus cerulus إلى أقل درجة من النشاط.
ولقد بينت هذه النظرية أن ملاحظة تأثير العديد من الأدوية والتي أدت إلى نتائج جيدة بعد تناول المرضى لها، ومن أكثر الأدوية استخدامًا (الأدوية المنبهة) والتي تؤثر بدورها على كل من النواقل العصبية الدوبامين و النورإبينفرين (الأدرينالين) والتي تؤكد فرضية اضطراب النظامين الادريناليني والدوباميني حيث ترفع الأدوية المنبهة تركيز الكاتيكولامينات (الإدرينالية و النورأدرنالين) ومن خلال زيادة إفراز تلك المواد وتثبيط النظم التي تسبب تقليل إفرازها..
وتقلل الأدوية المنبهة وبعض الأدوية المضادة للاكتئاب ثلاثية الحلقات تركيز العوادم الكيميائية للنوإيبنرفرين (النورأدرينالين) في البول أى ما يعني بقاءها لفترات النورإبينفرين (النورأدرينالين) داخل الجسم ليقوم بدوره في تنظيم الإيقاع الكيميائي ومن هنا تأتي فاعلية هذه الأدوية.كذلك يلعب عقار “كلونيدين” وهو من محفزات النوإبينفرين (النورأدرينالين) دورًا جيدًا في علاج فرط النشاط الذي يعاني منه طفل فرط النشاط وقلة الانتباه “”ADHD كما تلعب عقاقير مثبطات أكسيد المونوأمين ” “MAOIs دورًا في السيطرة على فرط النشاط.
ومن هنا نلاحظ تداخل العديد من النواقل العصبية في ظهور فرط النشاط وقلة الانتباه “”ADHD.
- عوامل فسيولوجية:
يخضع المخ البشري أثناء مراحل نموه الطبيعية إلى فترات يكون النمو أسرع بكثير من غيرها من الفترات، وهذه الفترات تحدث:
- من الشهر الثالث حتى الشهر العاشر من العمر.
- ومن العام الثاني حتى العام الرابع.
- ومن العام السادس حتى العام الثامن.
- ومن العام الرابع عشر حتى العام السادس عشر.
الأطفال الذين يعانون من نقص الانتباه بشكل خاص ربما يكون لديهم شكل معين من رسم المخ.
ومع توفر الأشعة المقطعية كانت هناك الفرصة لإجراء العديد من الدراسات على أطفال فرط النشاط وقلة الانتباه ” “ADHD والتي أثبتت عدم وجود إصابة معينة أو شكل معين للمخ، لكن مع – استخدام التصوير الطبقي بالإنبعاث البوزيتروني “”PET والذي يعتمد بشكل أساسي في التصوير على قياس معدل الامدادات الدموية للأنسجة المخية ومعدل نشاطها الخلوي – أفصح عن نقص الامداد الدموي والنشاط الأيضي في هؤلاء الأطفال في الفص الدماغي الأمامي والذي يلعب دورًا هامًا في تنظيم سلوكيات الإنسان في منعه من فعل أفعال غير لائقة أو غير محسوبة فيظهر ذلك لدى ألأطفال في شكل الاندفاعية والنشاط الزائد.
- العوامل النفسية والاجتماعية:
من الملاحظ أن الأطفال في المؤسسات المغلقة والحازمة عادةً ما تعاني من نشاط زائد وعدم القدرة على المحافظة على التركيز، ويرجع ذلك إلى الحرمان العاطفي المستمر الذي يعاني منه هؤلاء الأطفال، ومن الجدير بالذكر أن أطفال كثيرون يعانون من البيوت المغلقة معنويًا والمحرومين من التواصل مع الأب والأم والأقارب والأقران والحزم الزائد بل وقسوة القلوب وتحجرها في الرد على طفل صغير أو سماع شكواه أو حتى المسح على رأسه لإنشغال الأب الزائد والوهمي بعمله وتفضيله التفاهم والحب والحنان والصداقة والقرب من زملائه في العمل أو أصحابه على القهوة أو ما شابه وإنشغال الأم بأحاديث التليفون المتكررة والطويلة للشكوى من أحوال البلد أو الزوج العصبي أو المشغول (أبو عيون زائغة) أو بالغيبة والنميمة ، وعندما يتحرك الطفل أو يلهو أو يطلب طلب أو يتسبب في سقوط شئ غالي أو تافه يكون الرد من الأب والأم الضرب واللطش أو الصدود والهجر والرد الدئم الجاهز (امشي يا حمار، هقطم رقبتك، تستاهل…).
وقد لوحظ أيضًا أن تلك الأعراض تختفي عندما تختفي عوامل الحرمان العاطفي وغياب المشاعر.
ويلعب التوتر النفسي وتوتر الجو العائلي والعوامل الداعية للقلق إلى المساهمة – في وجود العوامل الأخرى – في نشأة المرض.