إضطراب الهلع Panic Disorder

يدرج الكثير استخدام كلمة “الهلع” لوصف درجة من الخوف.. فهل هذا صحيح طبيًا؟

ينتشر اضطراب الهلع بين 3.5% من البشر وينتشر أكثر في الإناث بنسبة 3: 1.. ويختلف الهلع عن باقي اضطرابات القلق الأخرى حيث تزداد فكرة إيذاء النفس عن غيرها من الاضطرابات الأخرى.

ويمر الهلع بثلاث مراحل مختلفة سنوليها المزيد من التفصيل

المرحلة الأولى: نوبة الهلع:

يشعر المريض ببداية ونهاية محددة للنوبة والتي تكون عبارة عن أعراض مصدرها نشاط الجهاز العصبي الذاتي.. فنجد المريض الذي قد يكون هادئ وفجأة يشعر بزيادة سريعة في ضربات القلب لدرجة أنه يشعر بها، وضيق بالصدر، واضطرابات الجهاز الهضمي كالمغص أو الاسهال، وارتعاش الأطراف، وزيادة العرق.. وقد يصاحب ذلك انخفاض في الضغط.. وأكثر الأعراض ظهورًا هى التي تتعلق بالجهاز الدوري والقلب فتحدث زيادة في ضربات القلب لدرجة أن المريض يشعر بهذه الضرابت.

مريض الهلع يترجم كل هذه الأعراض على أنها علامات الاحتضار ثم الموت وهناك عدد من المرضى يفسرون هذه العلامات على أنها مؤشرات للجنون وأنه سيصبح مجنونًا.

يجب أن تحدث 4 نوبات في الشهر على الأقل أونوبة واحدة مستمر بعدها القلق الاستباقي.. تستمر هذه النوبات لمدة دقائق ثم تختفي فجأة كما ظهرت فجأة، وبالطبع فإنحدوث مشاعر مماثلة لكن بسبب معروف كشرب كمية كبيرة من الكافيين والقهوة ومشتقاتها والمعروف عنها أنها تستثير الجهاز العصبي مما يؤدي إلى أعراض تشبه نوبة الهلع فإن هذا لا يسمى نوبة هلع.. فلابد أن تكون بدون سبب حتى تسمى نوبة هلع.

تحدث نوبة الهلع نتيجة اختلال اثنين من النواقل العصبية هما السيروتونين والنورإبينيفرين نتيجة زيادة إفرازهما وخاصة النورإبينيفرين من منطقة اللوكس سيروليس Locus Cerulus في جذع المخ ولهذا فإن العلاج الدوائي له دور كبير في العلاج.

 

المرحلة الثانية: القلق الاستباقي أو الترقبي

عندما يمر الإنسان بنوبة من نوبات الهلع ويشعر بأحاسيس شديدة كما وصفناها سابقًا لذا فإن المريض غالبًا ما ينشغل ذهنه بسؤال مقلق وهو “هل ستعاودني هذه النوبة مرة أخرى؟”.. وتنشأ عنده حالة من القلق خوفًا من تكرار ما سبق ويحدث ذلك نتيجة نشاط الجهاز الحوفي في المخ من خلال الناقل العصبي جابا GABA لذا فإن أكثر الأدوية فاعلية في علاج من يعانون من القلق الاستباقي هى أدوية البنزوديازيبين ودواء الفالبرويت (ديباكين – ديفاكوت –  Pregablin)

المرحلة الثالثة: التجنب

عادةص ما يربط المريض بين نوبة الهلع وبين شئ آخر مثل أكل أو شخص أو وسيلة مواصلات لذا يحرص على البعد عن كل الأمور التي قد تربطها علاقة (في ذهنه) بنوبة الهلع.

ويحدث ذلك نتجية نشاط الفص الأمامي لذا فإن ذلك يحتاج إلى علاج نفسي وخاصة العلاج السلوكي لفك الارتباط.

من الشائع في عدد ليس بالقليل أن تحدث نوبات الهلع منفردة أو مصحوبة بخوف من الأماكن الواسعة أو المزدحمة أو الأماكن التي يعتقد فيها الشخص ألا يساعده فيها أحد عندما يشعر بذلك مثل عند ركوب القطارات، وكأن ركوب القطار يعني عدم مقدرته على الهرب في حالة حدوث النوبة.

 

كيف تحدث نوبة الهلع؟

تتشابه أعراض اضطراب القلق بأشكاله المختلفة بين اضطراب القلق العام والهلع – الخوف الاجتماعي والرهاب المحدد لكن الفراق الأساسي في توقيت وملابسات ظهورها، فظهور الأعراض بشكل دائم أو معظم الوقت بدون سبب معروف يشير إلى الإصابة باضطراب القلق العام، بينما ظهورها في نوبات قصيرة تختفي ويعود الإنسان لهدوئه فهذا ما يسمى اضطراب الهلع.. وعند ارتباط ظهور الأعراض بالمواقف الاجتماعية والحديث في وجود الآخرين أو إلقاء المحاضرات أو المناسبات الاجتماعية فهو ما يسمى الرهاب الاجتماعي.. وإن اقتصر ظهور الأعراض على وجود شئ معين كالعناكب مثلاً فهو ما يسمى اضطراب القلق المخصص.. فغالبًا ما تتشابه الأعراض في جميع الاضطرابات السابقة لكن الفارق هو طريقة ظهور الأعراض واستمراريتها.

 

علاج الهلع

العلاج الدوائي

ويضم العلاج الدوائي الكثير من مجموعات الأدوية النفسية مثل مثبطات استرجاع السيروتونين SSRIs – SNRIs – TCAs والبنزوديازابين ومجموعة B- Blocker مثل الإندرال.

ويعتمد اختيار الدواء على شكوى المريض فغالبًا ما يختلف كل مريض عن غيره، فالمرضى الذين يشعرون بالرعب واحساس الترقب غالبًا ما يستفيدون من مجموعة SSRIs و SNRIs بينما الذين يعانون من أعراض عضوية بشكل أساسي غالبًا ما يحتاجون B- blocker

وأشهر عقار يتبع مجموعة البنزوديازيبين هو دواء الألبرازولام Alparazolam والتي تتوفر بالأسواق تحت العديد من الأسماء التجارية أهمها: زانكس – زولام – ألبراكس لكنها ليست الخيار الأول بسبب الإعتيادية التي تسببها إذا طالت فترة الاستخدام.. وهو لا يؤثر على القدرات المعرفية كباقي مجموعة البنزوديازيبين.

يأتي الخيار الأول وهو مجموعة مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية وهى ما تعرف بـ SSRIs والتي تضم:

  • فلوكستين: بروزاك – فلوتين – أوكتوزاك.
  • سيرترالين: لوسترال – سيرباس – مودابكس – سيرلفت.
  • فلوفكسامين: فافرين – ستاسومتين.
  • سيتالوبرام: سيبرام – ديبرام – رام ديب – سيتالو.
  • إسيتالوبرام: سيبرالكس – إسيتا –
  • باروكستين: سيروكسات – باروكستين – زاندول.

يعتمد العلاج الدوائي كخيار أول على مجموعة مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية SSRIs والتي تستخدم في علاج الاكتئاب لكن الجرعات الفعالة في علاج القلق تكون أعلى من تلك المستخدمة في علاج الاكتئاب.. كذلك يعتبر عقار الـ فينلافاكسين له دور فعال في العلاج.. وترجع أهمية استخدام مجموعة مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة للخيار الثاني بسبب ىثارها الجانبيية من جفاف الحلق والنعاس وزيادة ضربات القلب أحيانًا.. وأشهر هذه الأدوية هو عقار كلوميبرامين والمعروف باسم أنافرانيل.

ويعتبر عقار بريجابلين Pregabalin من الأدوية المستخدمة وذلك لفاعليته على الناقل العصبي GABA.

العلاج النفسي

العلاج النفسي هام جدًا في اضطرابات القلق بشكل عام وفي اضطراب القلق العام بشكل خاص.

أثبتت الأبحاث الحديثة أن للعلاج النفسي أثرًا كبيرًا في إحداث تغييرات إيجابية بالمخ وخاصة بعد الدراسة التي قام بها العالم “باكستر” والتي قام فيها بإعطاء علاج دوائي لنصف المرضى وقام بالعلاج النفسي للنصف الثاني وتابع استجابة المرضى للعلاج من خلال التصوير المخي PET scan لاحظ أن النتائج كانت متقاربة جدًا وأن العلاج النفسي أدى إلى نتائج عظيمة، وكذلك أثبتت الأبحاث الأخيرة أن الاعتماد على العلاج الدوائي مصحوبًا بالعلاج النفسي يؤدي إلى نتائج تفوق بكثير الاعتماد على نوع واحد من العلاج (الدوائي أو النفسي).

ويعتبر العلاج المعرفي السلوكي خيار العلاج الأول في حالات الخوف المتخصص.. وبشكل أدق العلاج السلوكي والذي يمارس بأشكاله المختلفة مثل فقد الحسية أو الغمر أو العلاج بالنموذج والتعرض التدريجي وسنشرح بالتفصيل هذه الأنماط من العلاج.

يعتمد علاج اضطراب الهلع بشكل أساسي على العلاج المعرفي وتفهم كيف تحدث الأعراض وكيفية ترجمتها حتى يكسر الدائرة المفرغة.

يأتي  دور العلاج المعرفي السلوكي بشكل كبير في علاج نوبات الهلع، وتكون أول هذه الخطوات هو فهم ما يحدث وأن نوبةالهلع تنتج من ترجمة غير دقيقة لمنبه طبيعي وأن هذا الفهم غير الصحيح يؤدي إلى الاحساس بالخوف والذي بدوره يؤدي إلى زيادة ضربات القلب والتوتر وهو ما يزيد من المنبه الأول، لذا يستلزم العلاج كسر هذه الدائرة المفرغة وذلك من خلال الفهم الصحيح لما يدور وأن ما يشعر به ليس دليلاً على الموق، وفهم أن شعورك بضربات قلبك يعني زيادة في نشاط الجهاز العصبي المركزي والذي سيأخذ بعض الدقائق ثم تنتهي هذه النوبة.

من الأساليب العلاجية المفيدة في علاج الهلع هى تمارين الاسترخاء وهى أحد أنماط العلاج السلوكي الفعال.. وتعلم تمارين التنفس ومتابعة حركة الهواء.. وأهم ما يجب أن يعرفه المريض أن مرضه في “دماغه” وليس في قلبه وصدره.

 

Panic Disorderإضطراب الهلعادوية الهلعاضراب القلقالاحساس بالموتالاسترخاءالبانكالسيروكساتالعلاج النفسي للهلعالفوبياباروكستينتمارين الاسترخاءديبرامزيادة ضربات القلبستاتومينسيبرالكسسيبرامسيرباسصعوبة التنفسعلاج الهلعفافرينلوسترالمودابكس