“هتروح النار” عبارة شائعة الاستخدام بواسطة الوالدين تهديداً لأطفالهم كي يكفوا عن أفعالاً قد تكون حراماً بالفعل، لكن هل هي حقاً حراماً على من هم في مثل هذا السن الذي في الغالب أقل من سن التكليف؟
وهل حقاً سيدخلهم الله النار على صنيعهم هذا وهم في الغالب لم يصلوا لسن التمييز؟!
وليس التنظير لتطبيق العقاب الإلهي على الأطفال في هذا السن هو سبب كتابتي لهذا المقال لكن مدى فائدة استخدام ذلك وتوقيت استخدامه وانعكاس ذلك على تقويم سلوكيات الأطفال وعلى نشأة مفهوم التقوى والمراقبة هو شاغلي الأول لكلماتي هذه.
عزيزي الأب عزيزتي الأم لتكن صريحاً مع نفسك فربك أرحم من أن يعذب طفلاً على كذبه أو سلوك خاطئ وأنت تعرف ذلك جيداً لكنك تنقل له معلومة غير مكتملة لعله يكف عن مثل ذلك الفعل المقيت… لكن “الغاية لا تبرر الوسيلة” وخاصة أن كانت الوسيلة ستؤدي على عكس ما تريد فالعلاقة بيننا وبين الله خالقنا مبنية على 3 ركائز أساسية وهي الحب والخوف والرجاء؛ نحب الله ونخاف من عذابه ونرجو رحمته… هذه هي الصورة الكاملة الشاملة وليست قاصرة فقط على “الخوف”. لكننا كبالغين نتفهم بسهولة كيف يكون الله رحيماً على عبادة الصالحين وفي نفس الوقت منقم جبار من الظالمين الكافرين، هذه الصورة التي تحمل صفات عدة لله تعالى قد تكون صعبة التصور لدى أطفال بالكاد يعدون اعمارهم على أصابع يد واحدة أو يتعدونها بأصبع أو أثنين على أقصى تقدير. في سن الصغار يعتمد تصور الطفل على صفة واحدة لللتميز فالكرة بالنسبة لهم هي فقط مستديرة حتى انه لو رأي بطيخة قد يظنها كرة في بادئ الأمر… ببساطة هو “يعرف” الشيئ بصفة واحدة إبتداءاً ومع تطور السن يبدأ في إضافة صفات أخرى ففي الكرة مثلاً يعرف لاحقاً أنها خفيفة الوزن ومجوفة بينما البطيخة ثقيلة وبداخلها طعام. يجدير بك أن تجعل أو صفة تربطها في عقل أبنك أو بنتك تتعلق بالله أنه “رحيم رحمن ودود” فهذا يجعل من محباً لله متحمساً لطاعته مقبلاً عليه غير نافر من صفات العذاب التي سيتفهما يوما حينما يعرف أن الله رحيما لكن يعاقب الظالمين الكافرين وليس الأمر على العموم.
أن كنت تظن أن أبنك سيفهم كل ما تقوله له في ذلك السن فأنت مخطأ لكنه في الغالب يكون إنطباعات أوليه فإياك أن تكون أو إنطباعاته عن الله كره وخوف… حدثه عن الجنة وعن عطاء الله وعن حمايته للإنسان وعن فضله ونعمه وتغافل قد ما تسطيع في تلك المرحلة عن الحديث عن النار والعذاب وأنت وقتها لا تغشه فإبنك ليس مكلفاً وحتى إن صنع منهياً عنه فهو عند الله من الأبرار.
وكيف لي أن أقوم سلوك طفلي؟
أولاً: اذكرك بإرواء شجرة الحب قبل شجرة الخوف
ثانيا: اعتمد على استخدام العرف؛ اي انه من الاسهل ان تقول أنه من العيب أن تكذب وأنه في عرف بيتنا نحن لا نكذب. يكفيك أن تعتمد على توضيح ما هو مرغوب وما هو منبوذ والذي يكفي ان تصفه بأنه “عيب”.
أخيراً: اذكرك أن أبناءك سيتعلمون حب الله وخشيته منك ومن زوجتك فحينما يكون السلوك العام في البيت هو تقوى الله فعلاً بالإضافة أن تتعمد أن تعبر لفظياً عن المنهيات توضيحاً كأن تقول أننا لا نظلم المسكين لأننا نحب الله وهذا يرضيه وهذا من مكارم الأخلاق … قلها وأنت تحدث زوجتك دون أن تظهر أنك في سياق خطابي… استغل فرص الحديث لتضيف عبارة او توجيه فحواها مدح سلوك طيب أو وصف سلوك ذميم بأنه عيب…
بارك الله لكم في أولادكم وبناتكم ورزقكم وأياهم السعادة والرضا وحب الله ورسوله