سددوا وقاربوا

من الأحاديث النبوية الشريفة ذات المعانى العميقة حديث “سددوا وقاربوا”[1]….

منا من سمع هذا الحديث وكثير لم يسمع، والحديث -وإن كان قصير لكن- له معانى عظيمة وكبيرة تتعلق  بالأفكار العميقة التي تتحكم فى مشاعر البشر لتخرج أفضل ما فيه.

الكثير ممن سمعوا الحديث لا يعرفون معناه…لذا سنواليه بشرح بسيط؛

سددوا” يقصد بها أن نحاول أن نصيب الهدف أى أن ننجزه على أتم وجه فإن كانت (أفضل الدرجات 10 فالأفضل أن تحقق 10 من 10)… ولأن النبى صلى الله عليه وسلم لا يكلفنا بما نعجز،  ولأنه دائماً ما كان يراعي ظروف الواقع وقد بنيت السنة كلها على “الواقعية” فقد وضع لنا إختيارً آخر هو و” قاربوا “

وقاربوا؛  أى نقارب من فعل ذلك أى وكأنه أمرنا أن نجتهد لنحقق الصواب فإن لم نحقق الكمال فإن لم نستطع ذلك فلنقارب منه فإن كانت درجات الكمال أو درجات الإجادة 10 فإن لم تستطع منها إلا 7 فذلك طيب وإن حققت 8 فذلك طيب وإن حققت 9 المهم أن نقارب من فعل الجيد، أن نقارب من فعل الممتاز، أن نقارب من فعل الشيء الأمثل وكلاهما خير فقد وصانا بقوله “سددوا وقاربوا” أى أننا أمامنا إختياران أن نكمل أو أن نقترب من الكمال وهذا يتوافق مع واحد من أفضل المعانى وأفضل أفكار العلاج المعرفى السلوكى وهى فعل الممكن.  هناك من لديهم أخطاء فى التفكير ؛

خطأ ما نسميه “أبيض أو أسود” أو “الكل أو لا شيء” فالكثيرر من البشر يجد أن يفعل الشيء على أتم وجه أو ألا يفعله بالمرة وبهذا إن كان بستطيع فعل الشيء بدرجة متوسطة أو بدرجة ممكنه لكنها ليست أفضل الحالات فيرى فى ذلك فشل لا يرضى على أن تكون أموره جيدة أو جيدة جدً. هو لا يقبل إلا بالممتاز… لا يقبل إلا بالـ 10 من 10 !!!

 

ولأن معظم أمور الحياة ليس من الممكن أن تكون 10من 10 فهو دائماً ما يكون محبط لا يرى الإنجازات لأن الإنجازات قد وضع لها قاعدة فى ذهنه هى ولابد أن تكون 10 من 10،  لابد وأن يكون الأول على الفصل أو الجامعة لابد وأن يركب أفخر سيارة لابد وأن يدخر مبلغ كبير من المال لابد وأن يختم القرآن حفظً لابد وأن يحقق المركز الأول فى البطولة لابد ولابد ولابد….  دائما لا يرى إلا الـ 10من 10 لابد ان يرى أفضل شيء .

وماذا عن المركز الثانى؟ وماذا عن الوظيفة المتوسطة؟ وماذا عن الشقة المتوسطة؟ وماذا وماذا؟؟!!

ليست مقبوله بالنسبه له ويعتبرها درجة من درجات الفشل … وهذا مما يسميه العلاج النفسي خطأ من أخطاء التفكير.

الإجتهاد مطلوب لكن ليرضى الإنسان ويسعد بما قاربه من التميز… من الطيب أن يحسن الإنسان صنعته لكن ليرضى عما حققه طالما إحتهد.

المنطقة الرمادية فى التفكير أو الحلول الوسط هى حلول وليست إخفاقات لذلك فالتفكير المنطقى مبنى على أن نجتهد حتى نصل الى درجة لا نستطيع أن نقف عنها فالغرض أن يتم الأمر ليكون 100% صحيح بل أن علماء إدارة يعتبرون أن التجويد من معوقات الإنتاج بمعنى إن أردت أن تنتج منتج صحيح 100% كامل 100% فهذا من معوقات الإنتاج لماذا لإنك لن تستطيع أن تنتجه وستتأخر فى الإنتاج وبذلك ستتأخر لكن – كما ينصح علماء الإدارة-  إنتج ما تستطيع أن تنتجه الآن ثم طوره وأصدر النسخة الأحدث فيما بعد لكن أن تربط الإنتاج على درجة الممتاز فقط فلن تنتج شيء، و هذا يتوافق مع مبادئ العلاج النفسى العلاج المعرفى السلوكى والتى ترى فى الدرجات المتوسطة إنجازاً فالذلك لابد وأن نوهت على هذا الامر .
صدق نبينا عليه الصلاة والسلام الذي علمنا كيف نسعد في دنيانا وأخرانا

 


[1] رواه البخاري في كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل 5/ 2373 (6098)، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى 4/ 2169 (2816)،

أخطاء التفكيراطبيب نفسي ابالأبيض والأسودالأنتاجالراحة النفسيةالسيرة النبويوالشرعالطب النبويالطب النفسيالعلاج المعرفي السلوكيالعلاج النفسيالهدي النبويد.محمد حسينسددو وقاربوصحح مفاهيمكطبيب نفسي بالأسكندريةموقع نفسي