كتيب الإرشادات (الجزء الأول)

لما بنشترى جهاز غالى جدا، بنبقى حريصين جدا إننا نتعامل معاه بحرص ولطف، ونمسك الكتالوج أو كتيب الإرشادات عشان نشوف خطوة خطوة ومنعملش أى غلطة ممكن يبوظ بيها ونخسر فلوسه، فما بال بقى أولادنا، أكبر استثمار لينا فى الدنيا والآخرة.
مع فرق واضح وصريح، إن كل طفل له كتالوجه الخاص بيه، غير قابل للمقارنة والتعميم لكن، فى قواعد نقدر نقول عامة ف التربية، أو مثبت أثرها الإيجابى فى عملية التنشئة منها؛

*مفتاح الطفل الشعور وليس التفكير المنطقى

مع شعور الطفل بالغضب مثلا أو الحزن  فى سيناريو
زى:متزعلش/مفيش حاجة تستاهل
أو:الصح كذا، المفروض تعمل كذا، محاولة إيجاد الحلول
فى السيناريو الأول معترفناش بأهمية الشعور أو مستحملناش نشوف ابننا فيه ، وفى التانى بدأنا نفكر علطول بشكل منطقى ونحاول المساعدة بتقديم الحلول.

والسيناريوهين غير مؤهلين للتعامل مع الموقف بشكل يحتوى الطفل فى موقفه الحالى، وممكن كمان يكون ليهم أثر سلبى عليه مستقبلا، زى إنه بالتعود بعد كده يرفض الإعتراف بمشاعره، أو أصلا يبقى صعب عليه التعرف عليها والتعامل معاها، أو يجد صعوبة فى التواصل مع الآخرين، نقل مشاعره ليهم أو تفهم مشاعرهم واستيعابها.

السيناريو الأنسب هو الإقرار أولاً بمشاعر الطفل: “شكلك زعلان“، “أنا عارف إنك متضايق دلوقتى” ، ثم عرض الدعم ثانيا زى”تحب تحكيلى؟”، “إيه المساعدة اللى ممكن اقدمهالك؟” وطبعا ده يكون مصحوب بلغة جسد تعبر عن الإهتمام الحقيقى والتعاطف.

شعور الطفل إن مشاعره مستوعبة ومتقبلة دى لوحدها بتخفف من حدة المشاعر وفورتها، وبعد وقت قليل بتدى مساحة للعقل جمبها، ساعتها بقى نقدر نمسك الموقف ونحلله، اللى حصل كان صح أو لأ، إزاى ممكن نحل المشكلة، وتاخد الأمور حجمها الطبيعى فعلا، واستيعاب مشاعر الطفل لا يعنى بالضرورة تلبية جميع رغباته.

أنا ممكن أقول لطفلى وهو غاضب تماما ومتعصب عشان حاجة عايزها وأنا مش موافق/موافقة
“أنا عارف/عارقة إن ده مضايقك جدا وإنك عايز الحاجة دى لكن ده مش متاح فى الوقت الحالى/مش مسموح بيه/ممكن نفكر إزاى نعمله بشكل يرضينا احنا الاتنين”

فى آباء وأمهات بيقولوا لأطفالهم بعد رفضهم لحاجة :”وإياك اسمع صوتك بتعيط!!”  مع إن العياط وسيلة لتفريغ المشاعر مفيهاش أى مشكلة ورد فعل طبيعى للحزن اللى ممكن يحس بيه الطفل لما يكون نفسه ف حاجة ويرفضها الأهل. للأهل الحق فى الرفض طبقا لقواعد البيت وظروفه، وللإبن حق الحزن والتعبير عنه.

*هناك مكافأة تنجح طوال الوقت، هى منح المزيد من الوقت

المكافآت من الأساليب الناجحة فى التربية، ممكن المادية، بدون إفراط، والأنجح والأطول أثراً لأنها بتتبنى على التحفيز الداخلى وليس الخارجى هى المكافآت المعنوية، اللى فيها تواصل ومشاركة
جرب/جربى تقولى لطفلك لما تخلص المطلوب منك “نحدده بمسماه” أو لو ادتنى فرصة أخلص كذا اللى ورايا هيبقى عندنا وقت لكذا زى ننزل نتمشى سوا شوية، نقرا حواديت زيادة، نلعب سوا. المكافأة اللى ترجمتها عند الطفل هبقى معاك وليك وبس، هيستقبلها بفرح ويلتزم، والأهم إنك كمان تلتزم/ى بالوعد

 

*استخدم لفظة عاقبة بدلا من عقاب

العقاب ممكن يخلى الطفل يبطل السلوك فعلا، ع الأقل قدام عينيك بس مش هيوصل قيمة لكن لما تفكر بمفهوم العاقبة هيفيد فى أكتر من نقطة؛

  • أولا رد فعلك على سلوك طفلك هيكون فى معدله الطبيعى ومش مبالغ فيه، بعيد عن الضرب والأساليب الانتقامية
  • ثانيا مع الوقت والثبات هيترسخ جوه الطفل قيمة الشعور بالمسئولية، إن لكل فعل عاقبة، وأنا هتحمل مسئولية أفعالى

الولد مثلا وقع حاجة، مش هنزل تلطيش فيه لكن هو مسئول يشيلها، لو بوظ حاجة مثلا فهو مسئول عن إصلاحها، أو دفع تمنه أو جزء منه. العاقبة يحددها سن الطفل وقدراته العقلية، بالنهاية هو رد فعل الغرض منه تربية الولد مش تعسيفه

*سحر أسلوب التعاون

كتير من الأطفال بيقاوموا بشدة لما نقول:”لم لعبك، رتب أوضتك”
جرب/جربى كده استخدام نون التعاون؛ 

“تيجى نلم اللعب سوا”،
“نسوى الأوضة مع بعض مين فينا السرير ومين المكتب؟”
ده بيقلل جدا من مقاومة الطفل لأنه هيستقبل الكلام كطلب مش كأمر قهرى ومشاركتك معاه بتبقى فرصة تعلمه برفق إزاى يعمل الحاجة وبالتكرار بنرسخ عادة

*عينا الطفل أكبر من أذنيه

لما أقول لطفلى” اتكلم بصوت واااطى” وأنا صوتى جايب آخر الدنيا هو مش هيسمع الجملة ، هو شايف تعبيرات وشى العصبية وتبريقة عينى وعروقى النافرة، فأنا لو عايز/عايزة ابنى يتكلموا بصوت واطى، الأوقع إنى أنا نفسى أقوم بالسلوك ده غالب وقتى، وبالأخص وقت توجيهى ليه الطلب ده. الطفل خصوصا فى سنوات عمره الأولى بيتعلم بال
Observational learning or social learning
يعنى التعلم بالملاحظة والمراقبة للمحيط الاجتماعى بتاعه، عشان كده بيتأثروا جدا بالكارتون، بيتعلموا باللى بيشوفوه أكتر من اللى بيسمعوه، يشوفوا ويقلدوا. فأول وأحسن وأدوم طرق التربية إن ابنى يشوف فيا اللى أنا نفسى يكون مغروس فيه،
عشان كده بنقول التربية مهمة صعبة جدا، لأنها بتتطلب جهاد كبير إنى أصلح من نفسى عشان أكون قدوة لولادى

*التغيير يتطلب توفير البدايل

لو الطفل مثلا متعود على إنه يتفرج على التليفزيون أو يستخدم الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة وعايزين نعالج المشكلة دى، مش هيبقى الحل فقط إننا نكتفى بإننا نمنعها عنه. احنا مطالبين بتوفير بدايل يشغل الوقت اللى كان مستهلك فى الفرجة لأن وقت الفراغ هيتسبب فى شعور الطفل بالملل ممكن يترجم مثلا لحركة زايدة أو تصرفات كارثية ف البيت عشان تسلية نفسه وده هيسبب إحباط للأهل وممكن يخليهم يتراجعوا فى قرارهم ويرجعوا يسيبوه قدام التليفزيون أو التاب ضمانا لسكوته وراحتهم أو ممكن يبقوا أكثر عنفا مع الولد، أو يرجعوا يشتكوا إن الوضع بقى أسوأ من الأول.

هنا بيكون السؤال:انت منعت عن الطفل حاجة معينة كانت بتلفت انتباهه جدا وتخليه مبسوط ومستمتع لثبوت ضررها، حطيت إيه مكانها؟؟
فالمطلوب إننا نملا فراغ الطفل بأنشطة زى رسم وتلوين/ممارسة رياضة/خروجات فى ساحات واسعة/زيادة الوقت المشترك، ما يناسب وقتك وظروف معيشتك، ويظل الطفل هو الأولوية والقاعدة تعمم مع تغيير أى عادات عموما.

*التواجد فى حياة الطفل بالكيف لا بالكم

ممكن تقول الأم أنا مع ولادى ال٢٤ ساعة وهنا ننبه لنقطتين؛
– الأولى إنك أصلا مش مطالبة بده ،وأثره البعيد إنهاك شديد انتى فى غنى عنه
– التانية إن وجودك فى نفس المكان مش معناه بالضرورة إنك فعلا معاه؛ فلو هو بيلعب جمبك وانتى ف المطبخ بتطبخى أو البلكونة بتنشرى فمش هو ده التواجد اللى بنتكلم فيه.

الوقت المشترك” يقصد بيه الوقت اللى بتفرغ فيه تماماً لأبنى، وأشوفه حابب هو يعمل إيه، واعمله معاه بطريقته”.

الخبر الحلو إن الوقت المشترك مش مطلوب يكون فترة طويلة، ممكن من نص ساعة لساعة ف اليوم بالشروط المكتوبة تكون كافية لتحقيق التواصل المطلوب وشعور الطفل بأهميته وإنه مهتم بيه وده هيغذى عنده الشعور بالأمان والانتماء وتقدير الذات، وده مناسب جدا الآباء اللى بيقضوا اليوم كامل بره البيت فى شغلهم ويرجعوا هلكانين. خلى فى خطة يومك من ربع لنص ساعة بعد رجوعك تتودد فيها لأبنك أو بنتك، تسألهم عن أخبارهم وتستمع باهتمام، أو تسألهم عن تفصيلة ف يومهم أو عن موضوع كانوا حاكيينه قبل كده إيه التطورات فيه، وقت قليل من التفرغ ومنح الدفء الحقيقى يخلق رابطة قوية بينك وبين أبناءك وأهم كتير جدا عندهم وأثره أكثر امتدادا من تلبية الاحتياجات المادية وتوفير الفلوس.

وأخيرا كما ننبه فى كل مرة
عدم نجاح أسلوب ما مع الطفل مش معناه إن طفلى عنده مشكلة بالضرورة، معناه بشكل أكبر إنى لسه موصلتش للأسلوب المناسب لطفلى
التربية مهمة صعبة،محتاجة صبر ووقت ومجهود
والأهم الدعاء
متعنا الله وإياكم بزينة الحياة الدنيا

 

كتيب الإرشادات “الجزء الثانى”

عن د. دعاء أحمد

دعاء أحمد عبد الفتاح استشاري الطب النفسي بكالوريوس الطب والجراحة. جامعة الأسكندرية. حاصلة على الزمالة المصرية للطب النفسي حاصلة على الزمالة العربي للطب النفسي حاصلة على دبلومة ممارسة الطب النفسى DPP بجامعة عين شمس

أبحث أيضاً في

الهشاشة النفسية: لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟

الهشاشة النفسية:لماذا صرنا أضعف وأكثر عرضة للكسر؟   عن الكاتب إسماعيل عرفة صيدلي ومؤلف مصري، …